السبت، 23 فبراير 2013

رائحـةُ الخبـز هنَـاآ




















إنني أتذكّـر ..

حينَ كانت جدتي في أيام الشتاء ..
صباحاً عند الساعة السابعة ..
توقظني وكأنه المساء
تقول هيّـا اتبعني يكفيكَ ما قبعتَ في الفراش 
وحينَ أقول 

دعيني في رجـاء .. 
كانت تسميني قابعـاً
وكنتُ أسمي نفسي تابعاً ..
بقُبلتها في الصباح .. أستيقظُ باشاً ..
* * * *
تختارني من بينِ أهل البيت فأعودُ أسألها لمَ ؟ تقول 
لأنني أحبـكَ حجمَ السماء
أصمتُ وحجمَ السماء أفرح 
وتذهبُ قشعرةٌ من قطراتٍ باردةٍ كانت تجرح 
أعاني وأنا أجمعُ حطباتِ الزيتون
في أرضٍ كنا صباحاً والكلاب تنبح
لا تخَفْ يا ولدي تقول , وتُشعلُ فرنَ الطابون 
ثمّ تعجن الخبزَ أمامي جدتي وتسرح 
في الخبز أحياناً وكثيراً أخرى تترح 
- يا جدتي لا تسرحي تزداد زخاتُ المطر
فنحتمي تحت عريشةٍ أذكرها سوداء
* * * 
لم تكفِ 
لا الكلماتُ تصيبُ ولا الرعدُ القادم يهيبُ ..
فأقولُ لجدتي : ما بلانا الله على هذه الأجواء ؟
دعينا نرجع في سلامٍ رجاء 
تقول : ليس قبل حكايتي عن جدّكَ 
خذ لحافي أوّلاً وغطِّ نفسكَ
- وأنتِ يا جدتي ؟
- لا تقلق لا عليكَ 
فتشرعُ بالكلماتِ المعتادة على جدي 
يرحمكَ يا جدي ربُكَ
وأنا لولا تلكَ الحكايةِ لما استيقظتُ في قلب المساء
لخبزٍ يحضره مخبز حيِّ الوفاء


جاهزاً , ولكنه من يدي جدتي طعمٌ تحكيهِ بلدُكَ 
في الستينَ سنةٍ الماضيةِ يا دامَ عزُّكَ
كان بدلاً منكَ جدُّكَ
في مثلِ سنكَ
مع جدّته , وأنا كنتُ مع جدي 
وشرعت تبكي ..
لحظةً جدتي ..
ألن يعودَ جدّي كما قلتِ ؟
سأخبركَ حقيقةً يا بني 
لكن لا تحزن حجمَ حـزني ..
صمتٌ هيّبني ..
- جدُّكَ ماتَ وأودعني 
- كيف ؟؟
ذهبَ عند الصهيونِ وأدوعني دونَ طيف 
تداخلت دمعاتي مع قطراتِ المطر وكأنه السبب فيها
خففتُ عنها وقلت لربِّكِ ذريها 
وكأنها لم تعلم يوماً أنني أصبحتُ الآن مثلَ جدي
يعيشُ المرارةَ ويُقاسيها 
لأجل كرامةِ وطنٍ مجبرٌ أعانيها 
واليومَ علمتُ يا جدتي ..
أن أجملَ أيامَ حياتي عندَ السابعةِ في أيام الشتاء 
معكِ ومع مخملِ الرداء
وقتَ كنتُ أتذمّــر فيها 
فاعذريني واعلمي أنني أتذكّـــر ..
كتاباآت : ناديـة عوني الدلو ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق